انفاس من الإيمان

الشيء الذي لا يمكن كسره هو الأكثر مرونة ، كن مرناً حتى لا تكسرك الظروف

نبضات

باقات من النبضات معطرة بياسمين البوح يفوح منها طيب الأروح

من هنا وهناك

تمضي الحياة بحلوها ومرها ونحن نتموج حسب تناقضاتها ونتلون بلون مصطلحاتها شئنا أم ابينا سنحيا مع بحارها مهما حاولنا معاندة القدر لن يكون إلا ما كتبه القدير لنا

مضيفة

قد ننتهي و ﻻ تنتهي أحلامنا وأمانينا لأن طموحاتنا كبيرة وأمورنا كثيرة

هل تعلم

فالحياة تحمل حقيقة مختلفة عن الواقع

حكم و أمثال

الشخص الصادق الحقيقي لا يتكرر، فمن يشد على كتف احلامك ويحمل امانيك على كاهل سعادته ليشعرك بجمال الحياة أكيد هو هبة القدير

سهاد الهمس

في مجتمعنا تحاسب المرأة إن ضحكت من الفرح لأنه كثير عليها ذلك و ﻻ يحاسب الرجل إن قهقه في سخرية من حواء لأنه مسموح له كل مباح

سجالات

نلتقي بكتاباتنا لنرتقي بأفكارنا... ونأخذ الحكمة من التجربة والعبرة من تعثرات الحياة

نبضات

حروف من وميض الروح

‏إظهار الرسائل ذات التسميات انفاس من الايمان. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات انفاس من الايمان. إظهار كافة الرسائل

السبت، 24 نوفمبر 2018

قاسم وداي الربيعي ****ماذا يصفها البعض بالإرهاب الشعري



قصيدة النثر أو النص النثري
لماذا يصفها البعض بالإرهاب الشعري
____________________ قاسم وداي الربيعي
على الرغمِ من المساحة الكبيرة التي احتلتها قصيدة النثر في العالم والوطن العربي , إلا أنها تواجه انتقادات كثيرة من أهل اللغة وبعض النقاد وشعراء قصيدة العمود , فلم أجد لهذا مبررا حين يقول كبار الشعراء والأساتذة الأكاديميون بأنها لا تنتمي للشعر بل هي نص نثري لا يتعدى هذا فقط , علما أنها ممتلئة بالصورة الشعرية ويكاد فيض جمالها يملأ السطور , هي لا تخلو من الموسيقى كما يدعي البعض بل موسيقاها تأتي منسجمة مع صورها الشعرية المتكاملة وفيها من الإيحاءات الكثير , صحيح هي قصيدة مستقلة لا تلتزم بقافية أو وزن وقد ابتعدت عن النظام العروضي الذي وضعه الخليل بن أحمد الفراهيدي، مما أتاح لها مزيداً من التطور والنمو , وهي بهذا تختلف عن القصيدة العمودية والرواية والمسرح , وأنا هنا لا أريد أن أروج للنص النثري وأبتعد عن قصيدة العمود وهي الأم لكن أريد فقط أن أبين للقارئ ما تعرضت له قصيدة النثر في تاريخها الطويل إلى التهميش والطعن .
كتعريف بسيط قصيدة النثر هي إحدى الفنون الأدبية التي اعتمدت في بنائها على التكثيف الصوري والانفتاح الحر في نسج شبكة متكاملة من أبجديات مشبعة بالدهشة مما جعلها محط أنظار القراء على مدى عمرها , وقد ظهر هذا النوع من الشعر في بدايات القرن العشرين ويقول البعض أنها جاءت بفعل الترجمات للأدب الفرنسي والإنكليزي وتمتاز بإيقاعها , وهكذا يعتقد شعراء قصيدة النثر بأن إيقاعها يفوق إيقاع القصيدة الموزونة وطبعا هذا رأي الشعراء الذين يميلون بكتاباتهم لقصيدة النثر وربما لا يوافقهم الرأي شعراء قصيدة العمود , ويذكر أن التجديد في الشعر ظهر أواخر القرن التاسع عشر التي أراد روادها تخليص اللغة العربية من الركاكة التي تعرضت لها أبان الحكم العثماني فكان أحمد شوقي ومحمود سامي البارودي وحافظ إبراهيم وغيرهم قد دعوا لحركة التجديد , فالتجديد هو ليس بالخروج ولكن هو النزول إلى لغة الحياة اليومية , فخروج أبي نؤاس وأن كان خروجه فرديا هو تجديد والموشحات الأندلسية كانت تجديدا أخر , ويمكن أن نمر مروا سريعا مع مَنْ كتب النص النثري وتاريخه .
في الغرب كتبت قصيدة النثر منذ القدم . و يبدو أن الشاعر الفرنسي ( الوزيوس بيرتران ) هو أول من كتب قصيدة النثر في الشعر الفرنسي ثم كتب بعده شعراء عده وقد أشتهر منهم بودلير ورامبو , أما في الوطن العربي فكان الشاعر السوري ( على الناصر ) أول من نشر قصائد نثرية في عام 1928, والشاعر المصري ( حسين عفيف ) الذي نشر شعرا منثورا سنة 1933 واللبناني ( بشير فارس ) والعراقي ( نوري الراوي ) الذي نشر قصائده في عام 1937 في مجلة الرافدين والمصري ( منير رمزي ) و( وصالح علي الشرنوبي ) في عام 1943 , فضلا عن شعراء أمثال عبد العزيز أرناؤوط وجوهرة نعمان وفاضل كنج
ويرى بعض النقاد والمهتمين في هذا الشأن أن العرب كتبوها عام 1960 كما جاء في مجلة " شعر " وكان ممن كتب قصيدة النثر الذين يعدون من رواد القصيدة : أنسي الحاج ومحمد الماغوط وتوفيق الصايغ وأدونيس وبسام حجار وسركون بولص وعباس بيضون وجبرا إبراهيم جبرا وعز الدين مناصرة ويعتبر الشاعر العراقي حسين مردان من رواد قصيدة النثر فقد كتبها وأبدع فيها وهناك أسماء كثيرة لا مجال لذكرها , فيما يعتقد البعض أن قصيدة النثر جاءت منذ عام 1954 بصدور ( ثلاثون قصيدة ) للشاعر الفلسطيني ( توفيق صايغ )
وتختلف الآراء في شكل قصيدة النثر وروادها فيعتقدون أن جبران خليل جبران وأمين الريحاني هما رائدا الشعر النثري , لكن جبران كتب بسطر كامل يشبه القصة غير أن أمين الريحاني كتب بالسطر القصير أي التشطير , وقد قال لي أحد الأساتذة الذين يقفون ضد النص النثري قال: أن كتابة النص كما كتبه جبران هو الأسلم وأما ما يكتب بالشطر فهذا خطأ كبير , لكن العجيب أن شعراء كبار من رواد قصيدة النثر كتبوها بالشطر وليس بأسلوب جبران المعروف الذي يشبه القصة ويبدو هناك خلاف بين النقاد وأهل الفكر في هذا المجال ويعتقدون أن الذي يحصل هو عدم التميز بين القصيدة الحرة وقصيدة النثر , فكانت هناك محاولات لإلحاق قصيدة النثر بالقصيدة الحرة , وهي محاولات متأخرة ربما تجد المعارضة من البعض أيضا , وذلك لأن النص النثري تجاوز بمساحتهِ القصيدة الحرة التي ولدت في مخاض صعب وكتب روادها ونجحوا في حينها , لكن اليوم وبعد ما استولت قصيدة النثر على المشهد الشعري العالمي لم تعد القصيدة الحرة تجد لها ذلك الرواج الستيني والسبعيني .
وقد حاول البعض من النقاد التقليل من أهمية القصيدة النثرية من خلال الإعلام , ونشرت مقالات كثيرة تستهجن من قصيدة النثر ومن أسماء شعرية ونقدية مهمة , فمثلا يقول الناقد المعروف ( إحسان عباس ) ( لم أعثر على الإيقاع الداخلي في قصيدة النثر ) أما ( جان كوهين ) و هو فيلسوف وأستاذ فرنسي في جامعة السوربون، يقول أن قصيدة النثر تفتقد إلى البنية الصوتية , وما قاله الشاعر محمود درويش وعبر مقال نشره في مجلته ( الكرمل ) عام 1982 وتحت عنوان ( أنقذونا من هذا الشعر ) ويقصد بالشعر النثري وفي مقابلة صحفية أخرى وصف الشعراء بميليشيات قصيدة النثر, وقالوا ما قالوا بأن قصيدة النثر , بالقصيدة الخنثى وحتى ( مجلة شعر البيروتية ) التي تبنت قصيدة النثر حوربت كثيرا وشاع في حينها أن مَنْ يدعمها دول كبرى وعلى أثر ذلك أنسحب منها العديد من الشعراء , وهكذا بقت تتعرض إلى هجمات من الشعراء أنفسهم
لكن ما أعاد الاعتبار لقصيدة النثر ظهور بوادر العولمة وحرية النشر فبعد أن كان شعراء قصيدة النثر يرفضون المشاركة في المهرجانات الشعرية العربية حتى مطلع التسعينات بدعوى أنها قصيدة غير منبريه ولا تصلح للإلقاء , بدؤوا فيما بعد يشاركون بغزارة في المهرجانات والجلسات الثقافية , وكتبت العديد من الرسائل والأطروحات الجامعية عن قصيدة النثر فأصبحت هي السائدة والمسيطرة في المجلات والصحف والمنتديات وكتبت أجمل الدراسات النقدية وامتلأت المكتبات العربية بل أصبحت هي الأكثر رواجا في المعارض التي تقيمها الدول للكتاب سنويا إلا أن أهل النحو ما زالوا ينظرون لها كما كانوا , ولهم الحق في ذلك فهم يقولون أن القصيدة العمودية هي الأم والخالدة في تاريخنا العربي , وفي لقاء مع الدكتور الشاعر محمد حسين آل ياسين سألته عن قصيدة لنثر فأجابني.. ( رأي فيها ينحصر في اعتراضي على التسمية , إذ أرى فيها إشكالا ( أجناسيا ) ولا أماري في كونها نصا أدبيا يمكن أن يكون فنيا في بعض نماذجه الجيدة الناجحة , ولكني ما زلت لا أفهم الجمع في أسمها بين جنسين لكل منها شرائطه ولغته وسماته وخصائصه وتجاربه , فلا أرى صحة الجمع بين ( قصيدة ) و ( النثر ) في التسمية ؛ إذ هما مختلفان متناقضان , ولا أدري لماذا يصر كتاب النثر على تسمية كتاباتهم بالقصيدة ) ثم يتطرق ويقول ( ويمثل التخلي عنها ميلا نحو السهولة واليسر فأستطاع كتابة النثر والمسمى بقصيدة النثر ألاف الطلاب والمتعلمين ومن أليهم قد وجدوا باب الشعر سهلا جدا فدخلوا وفرحوا بدخولهم ولم يصدقوا أنفسهم أنهم يوصفون بالشعراء بأقل البذل والجهد بعد أن كان متمنعا صعبا لا يستطيعه كثيرون ) .. لكن مع هذا نجد بعض من شعراء قصيدة العمود كتبوا النثر بل غادر بعضهم قصيدة العمود والبعض يكتب النثر والعمود , ولدي أسماء كثيرة لكنني أتجنب ذكر ذلك , وأصبح الأمر لا يتفق على رأي واحد فلكل شاعر وناقد رأيه الخاص به , لكن الجميل هو إنني سألت أستاذا جامعيا حول قصيدة النثر فقال : هي ليست شعرا , لأن مَنْ يكتبها لا يجيد العروض وهي غالبا مليئة بالأخطاء النحوية ولا تمثل هوية الشعر العربي الذي عرف بالبلاغة وأن القصيدة العمودية هي الهوية الحقيقية دون كلام .
وهكذا بقيت الخلافات رغم المحاولات الكثيرة لتصفية الأجواء بين القصيدة العمودية وقصيدة النثر , ولنترك هذا لمستقبل أخر وأجيال أخرى ..
................................................ بغداد \ 2018

الاثنين، 28 مايو 2018

مصطفى جميلي****سُبحانهُ لا يَنساكَ يا وَجلُ



..
سُبحانهُ لا يَنساكَ يا وَجلُ
فاسجدْ لهُ كي تَرقى أَيا عَجلُ
..
ربٌّ عَظيمٌ لَما تُخالِجهُ
تَلقاهُ فارْفعْ كَفاًّ وقُلْ يَصلُ
..
منْ يَرتجيهِ سِراًّ كَذا عَلناً
سُبحانهُ رَحمنٌ بِنا يَثلُ
..
..
مصطفى جميلي

الخميس، 6 يوليو 2017

مصطفى جميلي *** يَا قاصِد الْحرميْن



يَا قاصِد الْحرميْن طُفْ وَاسْتنْجدِ
لِلْحيِّ رَبِّ النَّاسِ قُمْ وَاسْتطْردِ
..
جِئنَاكَ نَطلُبُ أَوبةََ لا رِفعةََ
فَامْنُنْ عَلينا بِالْمُنى وَاسْتوْقدِ
..
..
مَا ضاعَ مِن إِيمانِنا في خلْوةِِ
وَاسلُكْ بنا سُبلَ التُّقى وَاسْتبْعدِ
..
ما قدْ يُبيدُ مَعالِم الْإِحسانِ في
آبائِنا أَو بِالْفتى الْمُستوْحدِ
..
رَبَّاهُ وَاخْتمْ لِلحَجيجِ بِمكَّةِِ
بِسعادةِ الدَّاريْنِ يَوماََ وَاشْهدِ
..
جَاؤوكَ وَقنَئذِِ بِقلبِِ مُرهَفِِ
حيْرى فَكُنْ لَهُمُ الْملاذَ وَأَرْشدِ
..
مَن كان مِنْهُمْ تائِهاََ في ساعةِِ
وَاغْفِرْ لَهمْ ما قدْ مضى مِنْ مَقْصدِ
..
..
مكناس 02/07/2017
مصطفى جميلي

الثلاثاء، 25 أبريل 2017

مصطفى جميلي*** رَدِّدْ دُعاءَ


رَدِّدْ دُعاءَ الْمبعوثِ وَاسْتزِدِ
إِنَّ الْبَلايَا حَلَّت وَلمْ تَمِدِ
..
وَاقْرأْ قِصارَ الْآياتِ إِنْ غَربَتْ
شَمسُُ أَراهَا مالَتْ وَلمْ تَعُدِوَاحْمدْ إِلهَ الْكونِ الَّذي خَشعَتْ
عَينُُ لَهُ في ذِكرِِ وَلمْ تَحِدِ
..

يَا رَبِّ خَفِّفْ آهاتِ منْ ضَجِروا
وَاحفظْ ثُريَّا صاحتْ وَلمْ تَكِدِ
..
..
أكوراي في 24/04/2017
 مصطفى جميلي

الأربعاء، 23 نوفمبر 2016

اللهم لا نملك لأنفسنا نفعاً

Mabrouk Abd El Gaber

اللهم لا نملك لأنفسنا نفعاً
ولا ضراً ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً
ولا نستطيع أن نأخذ إلا ما أعطيتنا
ولانتقي إلا ما وقيتنا
اللهم وفقنا إلى ما تحب وترضى من القول والعمل.
اللهم اشرح صدورنا ونور قلوبنا
واختم بالصالحات أعمالنا.

الخميس، 20 أكتوبر 2016

تاجر لم يخسر أبدا

يحكى في الزمن العباسي 
أن تاجرا دمشقيا كان دائما يتحدى زملائه ويقول لهم : 
أنا في حياتي لم اقوم بتجارة وخسرت منها ولا مرة واحدة
.
فضحك أصدقائه تهكمآ : 
كيف لك أن لا تخسر في حياتك ولا مرة واحدة ؟
.
فطلب منهم التاجر أن يقدموا له تحديا 
فقالوا له أن من سابع المستحيلات 
أن تبيع تمرا في العراق وتربح 
لأن التمر هناك متوفر كتوفر التراب في الصحراء 
.
فقال لهم : 
قبلت التحدي فاشترى تمرا مستوردا من العراق 
وانطلق شرقا إلى عاصمة الخلافة العباسية آنذاك .
.
و يحكى أن الواثق بالله آنذاك كان ذاهبا في نزهة إلی الموصل 
حيث الربيع وكانت الموصل من أجمل المدن في شمال العراق بطبيعتها 
حيث كانت تسمى أم الربيعين لأنها صيفا وشتاء هي ربيع 
كانت ابنته قد أضاعت قلادتها في طريق العودة من الرحلة 
فبكت وأشتكت فأمر الخليفة الواثق بالبحث و العثور عليها 
وأغرى سكان بغداد بأنه من يجد قلادة بنته فله مكافأة عظيمة 
و سيزوجه منها أي من ابنة الخليفة ولما وصل التاجر الدمشقي 
إلى مشارف بغداد وجد الناس مثل المجانين منطلقة إلى البر للبحث عن القلادة 
فسألهم ما بالكم ؟؟!!
.
فحكوا له قصتهم 
وقال كبيرهم واسفاه لقد نسينا أن ناخذ زادا 
ولا نستطيع العودة خوفا أن يسبقونا بقية العالم 
فأخذ يضرب كفا بكف 
.
فقال لهم التاجر الدمشقي : 
أنا أبيعكم تمرا 
فاشتروا منه التمر بأغلى الأسعار 
وقال ها أنا فزت بالتحدي 
سمع الواثق الذي كان بالجوار عن خبر التاجر الدمشقي 
الذي يبيع تمرا في العراق ويربح فتعجب من ذلك أشد العجب 
وطلب مقابلته فقال له اخبرني عن قصتك .
.
فقال له : 
يا مولاي أدام الله عزك 
إنني من يوم مارست التجارة لم اخسر مرة واحدة 
فسأله الواثق عن السبب 
فقال له : 
كنت ولدا فقيرا يتيما وكانت أمي معاقة وكنت أعتني بها 
منذ الصغر وأعمل وأكسب خبزة عيشي وعيشها 
منذ أن كنت في الخامسة من عمري .


فلما بلغت العشرون كانت أمي مشرفة على الموت 
فرفعت يدها داعية 
أن يوفقني الله وأن لا يرني الخسارة في ديني ودنياي أبدا 
وأن يزوجني من بيت أكرم اهل العصر 
وأن يحول التراب في يدي ذهبا 
وبحركة لا أرادية مسك حفنة من التراب وهو يتكلم 
فابتسم الواثق من كلامه واذا به يشعر بشيء غريب في يده 
فمسكه بيده ونظر إليه وإذا هي قلادة ذهبية وعرفتها بنت الواثق .
.
.
وهكذا من دعاء أمه كان هذا التاجر الدمشقي 
أول من صدر التمر إلى العراق في التاريخ وبنجاح 
وأصبح صهر الخليفة الواثق 
سبحان الله فدعوة الأم مستجابة 
لن يأتِي أحد وَيطرُق بابك ليَمنحَك يُومَا جمِيلا 
أنت من يجب أن تطرق أبوَاب روحُك 
وتشرعُ نوَافِذك وتجتهِد لتفوُز بالأجمَل 
ولن يخذلك ربك أبَدا، 
اللهم ارزقنا البر بوالدينا وإن كانوا أموات 
فاغفر لهما وارحمهما

الثلاثاء، 11 أكتوبر 2016

من لم يقتدي برسول الله ليس إنسانا

 سأكتبها على جبين المجد عنوانا 
 من لم يقتدي برسول الله ليس إنسانا 
من أجمل ما قرأت عن الرومانسية في الإسلام 
للأسف يبهرنا مشهد ممثل أجنبي يطعم زوجته
في الأفلام الأجنبية ولا ننبهر بالحديث الشريف:
(إن أفضل الصدقة لقمة يضعها الرجل في فم زوجته)
يعتقدون أن تبادل الورود بين الأحبة عادة غربية
ونسوا الحديث الشريف:
(من عرض عليه ريحان فلا يرده فانه خفيف المحمل طيب الريح)
ينبهرون عندما يرون الرجل الغرب
يفتح باب السيارة لزوجته 
ولم يعلموا أنه في غزوة خيبر 
جلس رسولنا الكريم صل الله عليه وسلم 
على الأرض وهو مجهد وجعل زوجته صفيه 
تقف على فخذه الشريف لتركب ناقتها 
هذا سلوكه في المعركة
فكيف كان في المنزل؟!!!
كانت وفاة رسولنا الكريم 
صل الله عليه وسلم  
في حجر أم المؤمنين عائشة
وكان بإمكانه أن يتوفى وهو ساجد 
لكنه اختار أن يكون آخر أنفاسه بحضن زوجته..
عندما كان النبي صل الله عليه وسلم 
مع أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها 
عندما يريد أن يشرب يأخذ نفس الكأس الذي شربت
فيه ويشرب من نفس المكان الذي شربت منه..
ولكن ماذا يفعل أولئك الذي انبهرنا بإتيكيتهم في مثل هذه الحالة...
قال رسول الله صل الله عليه وسلم 
(إنك لن تنفق نفقة إلا أجرت عليها حتى اللقمة التي ترفعها إلى فم امرأتك)
إنها المحبة والرومانسية الحقيقية من الهدي النبوي..
لكن عند أهل الايتيكيت الغربي 
ومن انبهروا بهم المرأة تحاسب في المطعم عن نفسها 
وزوجها يحاسب عن نفسه..
سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها 
ما كان رسول الله صل الله عليه وسلم يعمل في بيته؟
قالت:
كان بشرا من البشر يخيط ثوبه ويحلب شاته ويخدم نفسه وأهله..
*وفي الإتيكيت الغربي "اخدم نفسك بنفسك"
اللهم صل و سلم و بارك على سيدنا محمد و على آله و صحبه

السبت، 10 سبتمبر 2016

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر ..

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر ..
لا إله إلا الله .. الله أكبر، الله أكبر .. ولله الحمد
الله أكبر كبيرا، والحمدلله كثيرا، وسُبحان الله بُكرة وأصيلا ..
لا إله إلا الله، وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده .. 
لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مُخلصين له الدين ولو كره الكافرون .. 
اللهم صلِّ على سيدنا مُحمّد، وعلى آل سيدنا مُحمّد، وعلى أصحاب سيدنا مُحمّد
وعلى أنصار سيدنا مُحمّد، وعلى أزواج سيدنا مُحمّد
وعلى ذُرية سيدنا مُحمّد وسلم تسليمًا كثيرا


السبت، 27 أغسطس 2016

يحكى انه ذات يوم

يحكى انه ذات يوم
أصدر الملك قرار يمنع فيه النساء من لبس الذهب والحلي والزينة
فكان لهذا القرار ردة فعل كبيرة وامتنعت النساء فيها عن الطاعة
وبدأ التذمر والسخط على هذا القرار وضجت المدينة وتعالت أصوات الاحتجاجات
وبالغت النساء في لبس الزينة والذهب وأنواع الحلي .

فاضطرب الملك واحتار ماذا سيفعل !
فأمر بعمل اجتماع طارئ لمستشاريه حضر المستشارون وبدأ النقاش
فقال أحدهم أقترح التراجع عن القرار للمصلحة العامة ثم قال آخر

كلا إن التراجع مؤشر ضعف ودليل خوف
ويجب أن نظهر لهم قوتنا وانقسم المستشارون
إلى مؤيد ومعارض

فقال الملك : مهلاً مهلاً ...
احضروا لي حكيم المدينة
فلما حضر الحكيم وطرح عليه المشكلة

قال له أيها الملك !
لن يطيعك الناس إذا كنت تفكر فيما تريد أنت
لا فيما يريدون هم
فقال له الملك وما العمل ...؟
أتراجع إذن ...؟

قال لا ولكن أصدر قراراً بمنع لبس الذهب
والحلي والزينة لأن الجميلات لا حاجة لهنّ
إلى التجمل ...

ثم أصدر استثناءً
يسمح للنساء القبيحات وكبيرات السن بلبس
الزينة والذهب لحاجتهن إلى ستر قبحهن ودمامة وجوههن ...
فأصدر الملك القرار ...

وما هي إلا سويعات حتى خلعت النساء الزينة
وأخذت كل واحدة منهنّ تنظر لنفسها على أنها جميلة
لا تحتاج إلى الزينة والحلي فقال الحكيم للملك
الآن فقط يطيعك الناس وذلك عندما تفكر بعقولهم وتدرك اهتماماتهم وتطل من نوافذ شعورهم

إن صياغة الكلمات فن نحتاج إلى إتقانه
وعلم نحتاج إلى تعلمه في خطابنا التربوي والتعليمي لندعوا إلى ما نريد من خلال ربط
المطلوب منهم بالمرغوب لهم ومراعاة
المرفوض عندهم قبل طرح المفروض عليهم
وأن نشعر المتلقي بمدى الفائدة الشخصية التي سيجنيها من خلال اتباع كلام
أو الامتناع عنه
ولا شيء يخترق القلوب كلطف العبارة
وبذل الابتسامة ولين الخطاب وسلامة القصد

قال تعالى :
{ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ }
آل عمران: 159

الاثنين، 25 يوليو 2016

انواع القلوب المذكوره فى القرآن:

انواع القلوب المذكوره فى القرآن:
💠 القلب السليم:
وهو مخلص لله وخالٍ من من الكفر والنفاق والرذيلة
{ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ }
💠القلب المنيب:
وهو دائم الرجوع والتوبة إلى الله مقبل على طاعته.
{ مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ }
💠 القلب المخبت:
وهو الخاضع المطمئن الساكن.َ
{ فتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ }
💠 القلب الوجل:
وهو الذي يخاف الله عز وجل ألا يقبل منه العمل ، وألا ينجى من عذاب ربه.
{ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ }
💠 القلب التقي:
وهو الذي يعظّم شعائر الله.
{ ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ }
💠 القلب المهدي:
الراضي بقضاء الله والتسليم بأمره.
{ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ }
💠 القلب المطمئن: وهو الذي يسكن بتوحيد الله وذكره.
{ وتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّه }
💠 القلب الحي:
وهو القلْب الذي يَعْقِل مَا قَدْ سَمِعَ مِنْ الْأَحَادِيث الَّتِي ضَرَبَ اللَّه بِهَا مَنْ عَصَاهُ مِنْ الْأُمَم.
{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ }
💠 القلب المريض:
وهو الذي أصابه مرض مثل الشك أو النفاق وفيه فجور ومرض في الشهوة الحرام.
{ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ }
💠 القلب الأعمى:
وهو الذي لا يبصر ولايدرك الحق والإعتبار.
{ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ }
💠 القلب اللاهي:
وهو الغافل عن القرآن الكريم، المشغول بأباطيل الدنيا وشهواتها،لا يعقل ما فيه.
{ لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ }
💠 آلقلب الآثم:
وهو الذي يكتم شهادة الحق.
{ وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ }
💠 القلب المتكبر:
وهو المستكبر عن توحيد الله وطاعته، جبار بكثرة ظلمه وعدوانه.
{ قلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ }
💠 القلب الغليظ:
وهو الذي نُزعت منه الرأفة والرحمة .
{ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ }
💠 القلب المختوم:
وهو الذي لم يسمع الهدى ولم يعقله
{ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ }
💠 القلب القاسي:
وهو الذي لا يلين للإيمان, ولا يؤثِّرُ فيه زجر وأعرض عن ذكر الله .
{ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً }
💠 القلب الغافل:
وهو الذي صدّ
عن ذكر الله، وآثَرَ هواه على طاعة مولاه .
{ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا }
💠 الَقلب الأغلف:
وهو قلب مغطى, لا يَنْفُذ إليها قول الرسول صل الله عليه وسلم .
{ وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ }
💠 القلب الزائغ:
وهو الذي يكون مائلاً عن الحق
{ فأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ }
💠 القلب المريب:
وهو الذي يكون محتاراً في شك
{ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ }
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
اللهم إجعل قلوبنا من القلوب السليمة المطمئنة البيضاء..
وثبتنا على الهدى والايمان..
آمين يارب العالمين.

السبت، 13 فبراير 2016

قالوا : إثنان .. قال لهم : ماذا قبل الإثنين ؟



Photo de Islem Amin.
قالوا : إثنان ..
قال لهم : ماذا قبل الإثنين ؟
قالوا : واحد ..
قال لهم : وما قبل الواحد ؟
قالوا : لا شئ قبله ..
قال لهم : إذا كان الواحد الحسابي .. لا شئ قبله،
فكيف بالواحد الحقيقي وهو الله ! إنه قديم لا أول لوجوده
قالوا : في أي جهة يتجه ربك ؟؟
قال : لو أحضرتم مصباحا في مكان مظلم إلى أي جهة يتجه النور ؟
قالوا : في كل مكان ..
قال : إذا كان هذا النور الصناعي فكيف بنور السماوات والأرض
قالوا : عرّفنا شيئا عن ذات ربك ؟
أهي صلبة كالحديد أو سائلة كالماء ؟ أم غازية كالدخان والبخار؟؟
فقال : هل جلستم بجوار مريض مشرف على النزع الأخير ؟
قالوا : جلسنا ..
قال : هل كلمكم بعدما أسكته الموت ؟
قالوا : لا.
قال : هل كان قبل الموت يتكلم ويتحرك ؟
قالوا : نعم.
قال : ما الذي غيره ؟
قالوا : خروج روحه.
قال : أخرجت روحه ؟
قالوا : نعم.
قال : صفوا لي هذه الروح
هل هي صلبة كالحديد أم سائلة كالماء ؟؟ أم غازية كالدخان والبخار ؟؟
قالوا : لا نعرف شيئا عنها !!
قال : إذا كانت الروح المخلوقة لا يمكنكم الوصول إلى كنها
فكيف تريدون مني أن أصف لكم الذات الإلهية !!

الأحد، 28 يونيو 2015

لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا

لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ(286)
سورة البقرة
لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" إنه سبحانه لم يكلفكم إلا ما هو في الوسع. لماذا؟ لأن الأحداث بالنسبة لعزم النفس البشرية ثلاثة أقسام: القسم الأول: هو ما لا قدرة لنا عليه، وهذا بعيد عن التكليف. القسم الثاني: لنا قدرة عليه لكن بمشقة أي يجهد طاقتنا قليلا. القسم الثالث: التكليف بالوسع. إذن "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها" أي أن الحق لا يكلف النفس إلا بتكليف تكون فيه طاقتها أوسع من التكليف، كل الحق كل مسلم بالصلاة خمسة فروض كل يوم، وتملأ أوقاتها بالصلاة وكان من الممكن أن تكون عشرة، بدليل أن هناك أناساً تتطوع وهو سبحانه كلف كل مسلم بالصوم شهراً، ألا يوجد من يصوم ثلاثة أشهر؟ ومثل هذا في الزكاة؛ فهناك من كان يخرج عن ماله كله لله، ولا يقتصر على ما يجب عليه من زكاة.
إذن فهذا في الوسع، ومن الممكن أن تزيد، إذن فالأشياء ثلاثة: شيء لا يدخل في القدرة فلا تكليف به، شيء يدخل في القدرة بشيء من التعب، وشيء في الوسع، والحق حين كلف، كلف ما في الوسع. ومادام كلف ما في الوسع فإن تطوعت أنت بأمر زائد فهذا موضوع آخر "فمن تطوع خيراً فهو خير له" مادمت تتطوع من جنس ما فرض.
إذن فالتكليف في الوسع وإلا لو لم يكن في الوسع لما تطوعت بالزيادة. فسبحانه يقول: "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها" ويأتي بعد ذلك ليعلمنا فيقول: "ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به"، وهو القائل: "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" إذن ـ سبحانه ـ يكلفنا بما نقدر عليه ونطيقه. فقد روي أن الله حينما سمع رسوله وسمع المؤمنين يقولون: "ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا" قال سبحانه: قد فعلت.
وعندما قالوا: "ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به" قال سبحانه: قد فعلت. ولم يكلفنا سبحانه إلا بما في الوسع، وهو القدر المشترك عند كل المؤمنين. وهناك أناس تكون همتهم أوسع من همة غيرهم، ومن تتسع همته فإنه يدخل بالعبادات التي يزيد منها في باب التطوع، ومن لا تتسع همته فهو يؤدي الفروض المطلوبة منه فقط وعندما يطرأ على الإنسان ما يجعل الحكم في غير الوسع؛ فإن الله يخفف التكليف؛ فالمسافر تقول له الشريعة: أنت تخرج عن حياتك الرتيبة، وتذهب إلى أماكن ليس لك بها مستقر، لذلك يخفف الحق عليك التكليف؛ فلك أن تفطر في نهار رمضان، ولك أن تقصر الصلاة.
والحق سبحانه يعلم أن الوسع قد يضيق لذلك فإنه ـ جل شأنه ـ يخفف حكم التكليف ويمنح الرخص عند ضيق الوسع، ومثال ذلك قوله الحق:
الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ
(من الآية 66 سورة الأنفال)


كانت النسبة في القتال قبل هذه الآية هي واحداً لعشرة، وخففها الحق وجعلها واحداً إلى اثنين لأن هناك ضعفا، وهكذا نرى أنه سبحانه سيخفف التكليف إذا ما زاد عن الوسع. وكثير من الناس يخطئون التفسير؛ فيقولون عن بعض التكاليف: إنها فوق وسعهم ولهؤلاء نقول: لا. لا تحدد أنت الوسع، ثم تقيس التكليف عليه، بل انظر هل كلفك أو لم يكلفك؟ فإذا كان قد كلفك الحق فاحكم بأنه كلفك بما في الوسع، وكل تكاليف الرحمن تدخل في الوسع "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت".
و"لها" تفيد الملكية والاختصاص وهي ما تفيد وتكسب النفس ثوابا، و"عليها" تفيد الوزر، ونلاحظ أن كل "لها" جاءت مع "كسبت"، وكل "عليها" جاءت مع "اكتسبت" إلا في آية واحدة يقول فيها الحق:
بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـئَتُهُ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ(81)
(سورة البقرة)


وهنا وقفة في الأسلوب؛ لأن "كسب" تعني أن هناك فرقاً في المعالجة الفعلية الحدثية بينها وبين كلمة "اكتسبت"، لأن "اكتسب" فيها "افتعل" أي تكلف، وقام بفعل أخذ منه علاجاً، أما "كسب" فهو أمر طبيعي إذن فـ"كسب" غير "اكتسب" وكل أفعال الخير تأتي كبساً لا اكتساباً. مثال ذلك عندما ينظر الرجل إلى زوجته، ويرى جمالها، فهل هو يفتعل شيئاً، أو أن ذلك أمر طبيعي؟ إنه أمر طبيعي، ولكن عندما ينظر الرجل إلى غير محارمه فإنه يرقب هل يرى أحد النظرة؟ وهل رآه أحد من الناس؟ وهل سينال سخرية واستهزاء على ذلك الفعل أو لا؟ لماذا؟ لأنه ارتكب عملاً مفتعلاً.
مثال آخر، إنسان يأكل من ماله، أو من مال أبيه، إنه يأكل كأمر طبيعي، أما من يدخل بستاناً ويريد أن يسرق منه فهو يتكلف ذلك الفعل، ويريد أن يستر نفسه، فصاحب الشر يفتعل، أما صاحب الخير فإن أفعاله سهلة لا افتعال فيها .. فالشر هو الذي يحتاج إلى افتعال.
والمصيبة الكبرى ألا يحتاج الشر إلى افتعال؛ لأن صاحبه يصير إلى بلادة الحس الإيماني، وتكون الشرور بالنسبة إليه سهلة؛ لأنه تعود عليها كثيراً، ويقول الحق: "بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته" إن الخطيئة تحيط به من كل ناحية، ولم يعد هناك منفذ، وهو لا يفتعل حتى صارت له ملكة في الشر؛ فاللص مثلاً في بداية عمله يخاف ويترقب، لكن عندما تصبح اللصوصية مهنته فإنه يحمل أدوات السرقة ويصير حسه متبلداً.
ففي المرحلة الأولى من الشر يكون أهل الشر في حياء من فعل الشر، وذلك دليل على أن ضمائرهم وقلوبهم مازال فيها بعض من خير، لكن عندما يعتبرون الشر حرفة وملكة فهنا المصيبة، وتحيط بكل منهم خطيئة وتطوقه ولا تجعل له منفذاً إلى الله ليتوب. فالذي يلعب الميسر، أو طوقته خطيئة الفحش قد يقول فرحاً: "كانت سهرة الأمس رائعة"، أما الذي يرتكب الخطأ لأول مرة فإنه يقول: "كانت ليلة سوداء يا ليتها ما حدثت"، ويظل يؤنب نفسه ويلومها؛ لأنه تعب وأرهق نفسه؛ لأنه ارتكب الخطأ.
إذن فقول الحق: "لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت" يوضح لنا أن فعل الشر هو الذي يحتاج إلى مجهود، فإن انتقلت المسألة من اكتسبت إلى كسبت فهذه هي الطامة الكبرى، ويكون قد أحاطت به خطيئته. ويكون على كل نفس ما اكتسب والعاقل هو من يكثر ما لنفسه، ولا ما عليها؛ لأن الذي يقول ذلك هو الحق العالم المالك الذي إليه المصير، فليس من هذا الأمر فكاك. وبعد ذلك يقول الحق على لسان عباده المؤمنين: "ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا"، ولقائل أن يقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم طمأننا، فقال: (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه) رواه الطبرانى فى معجمه الكبير عن ثوبان. فكيف يأتي القرآن بشيء مرفوع عن الأمة الإسلامية ليدعو به الناس ربهم ليرفعه عنهم؟.
على مثل هذا القائل نرد: هل قال لك أحد: إن رفع الخطأ والنسيان والاستكراه كان من أول الأمر؟. لعل الرفع حدث بعد أن دعا الرسول والسابقون من المؤمنين، فمادام قد رفع ـ بضم الراء وكسر الفاء وفتح العين ـ فمعنى ذلك أنه كان موجوداً، إذن فلا يقولن أحد: كيف تدعو بشيء غير موجود. أو أن ذلك يدل على منتهى الصفاء الإيماني، أي الله يجب ألا يعصي إلا خطأ أو نسياناً، وأن الله لا يصح ولا يستقيم أن يعصي قصداً؛ لأن الذي يعرف قدر الله حقاً، لا يليق منه أن يعصي الله إلا نسياناً أو خطأ؛ لأن الخالق هو المنعم بكل النعم، وبعد ذلك كلفنا، وكان يجب ألا نقصد المعصية. ولذلك فالحق سبحانه وتعالى قد سمى ما حدث من آدم معصية مع أنه يقول:
وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً(115)
(سورة طه)


وسمى الله النسيان في قصة آدم معصية: "وعصى آدم ربه فغوى" فكان النسيان أولاً معصية، ولكن الله أكرم أمة محمد، فرفع عنها النسيان. وفي مسألة آدم هناك ملحظ يجب على المؤمن أن يتنبه إليه؛ فآدم خلق بيد الله، ونحن مخلوقون بقانون التكاثر، وآدم تلقى التكليف من الله مباشرة وليس بواسطة رسول، وكلف بأمر واحد وهو ألا يأكل من الشجرة. فإذا كان آدم مخلوقاً من الله مباشرة ومكلفاً من الله مباشرة، ولم يكلف إلا بأمر واحد وهو ألا يقرب هذه الشجرة، ولم تكن هناك تكاليف كثيرة فماذا نسى؟ وماذا تذكر؟ إنها معصية إذن. لقد كان النسيان بالنسبة لآدم معصية؛ لأنه مخلوق بيد الله.
قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ
(من الآية 75 سورة ص)


لذلك فلم يكن من المناسب أن ينسى هذا التكليف الواحد، وما كان يصح له أن ينسى، ولعل سيدنا آدم نسى لحكمة يعلمها الله ربما تكون ليعمر الأرض التي جعله الله خليفة فيها؛ أما بالنسبة لأمة محمد فحينما نقول: "ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا" فكأننا يا رب نقدرك، حق قدرك، ولا نجترئ على عصيانك عمدا، وإن عصينا فإنما يكون العصيان نسياناً أو خطأ، وهذه معرفة لقدر الحق سبحانه وتعالى. ولكن ما النسيان؟ وما الخطأ؟
أولاً فيه "أخطأ" وفيه "خطئ" و"الخطء" لا يكون إلا إثما؛ لأنه تعمد ما لا ينبغي، فأنت تعلم قاعدة وتخطئ، والذي أخطأ قد لا يعرف القاعدة، فأنت تصوب له خطأه لأنه حاد عن الصواب. ومثال ذلك: عندما تتعلم في المدرسة أن الفاعل مرفوع، والمفعول منصوب وفي وسط السنة يصححون لك القاعدة حتى تستقر في ذهنك، إنما في أيام الامتحان أيصحح لك المدرس أم يؤاخذك؟ إنه يؤاخذك؛ لأنك درست طوال السنة هذه القاعدة، إذن ففيه خطئ وفيه أخطأ، فأخطأ مرة تأتي عن غير قصد؛ لأنه لا توجد قاعدة أنا خالفتها، أو لم أعرف القاعدة وإنما نطقت خطأ؛ لأنهم لم يقولوا لي، أو قالوا لي مرة ولم أتذكر، أي لم تستقر المسألة كملكة في نفسي؛ لأن التلميذ يخطئ في الفاعل والمفعول مدة طويلة، وبعد ذلك ينضج وتصير اللغة ملكة في نفسه إن كان مواظبا على صيانتها.
كان التلميذ في البداية يقول: قطع محمد الغصن، ولا يقولها مشكلة ولكن يسكن الآخر في نهاية نطقه لاسم محمد، وساعة يتذكر القاعدة ينطقها "محمد" بالرفع وينطق "الغصن" بالنصب لماذا؟ لأنه ترد ثلاث قواعد على ذهنه، هذه فاعل والفاعل حكمه الرفع، فهي مرفوعة، فهو يمر بقضية عقلية، لكن بعدما يمر عليها يقرأها صحيحة وقد لا يتذكر القاعدة، فقد صارت المسألة ملكة لغوية عنده، هذه الملكة اللغوية مثلما نقول: "صارت آلية".
ومثال ذلك الصبي الذي يتعلم الخياطة، انظر كم من الوقت يمر ليتعلم كيف يمسك بخيط ليدخله في سم الإبرة، وقد يضربه معلمه أكثر من مرة ليتعلمها؛ وفتلة الخيط تنثني منه لأنها طويلة فيقصرها ثم لا تدخل في العين فيبرمها لتدخل، إنه يأخذ وقتا كثيرا ثم يعمل الغرزة فتخرج غير منتظمة وبعد ذلك يظل مدة، ثم يفعل كل هذه الأعمال بتلقائية وهو يتكلم مع غيره؛ لأن هذه الأعمال صارت ملكة ذاتية أي عملاً آليا. والتدريب على العمل الذهني ـ حسب قواعد محددة مثل تعلم اللغة ـ نسميه ملكة. أما التدريب على عمل الجوارح ـ مثل إدخال الخيط في سم الإبرة نسميه آلية.
وعلى سبيل المثال في العمل الذهني عندما تسأل سؤالاً في الفقه لطالب في الأزهر فإنه يحتار قليلا إلى أن يتعرف على الباب الذي فيه إجابة للسؤال، أما إذا سألت السؤال نفسه لعالم مدرب فبمجرد أن توجه له السؤال فإنه يقول لك الحكم والباب الذي فيه هذا الحكم، لقد صار الفقة بالنسبة للعالم ملكة.
ويقول الحق من بعد ذلك: "ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذينمن قبلنا" والإصر هو الشيء الثقيل الذي يثقل على الإنسان، ومثال ذلك الإصر الذي نزل على اليهود "إن أردتم التوبة فاقتلوا أنفسكم أو تصدقوا أو زكوا بربع أموالكم" لكن الله لم يعاملنا كما عامل الأمم السابقة علينا، وعندما نقول: "ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به" فنحن نصدق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قال الله نعم" ومعنى قال الله نعن أنه سبحانه وتعالى أجاب الدعاء برفع المشقة عن الأمة.
أي أن الله لن يحملنا ما لا طاقة لنا به. وعندما نقول: "واعف عنا" فنحن نتوجه إلى الله ضارعين: أنت يا حق تعلم أننا مهما أوتينا من اليقظة الإيمانية والحرص الورعي فلن نستطيع أن نؤدي حقك كاملاً، ولذلك لا ندخل عليك إلا من باب أن تعفو عنا. ومعنى العفو محو الأثر، كالسائر في الصحراء تترك قدماه علامة، وتأتي الريح لتزيل هذا الأثر. كأن هناك ذنباً والذنب له أثر، وأنت تطلب من الله أن يمحوا الذنب.
وعندما تقول: "واغفر لنا" فأنت تعرف أن من مظاهر التكوين البشري النية التي تريد أن تحول العزم إلى حيز السلوك والانفعال النزوعي؛ فالمسألة تحتاج منك إلى تدريب، ومثال ذلك، عندما يذنب واحد في حقك فلك أن ترد عليه الذنب بالذنب، ولك أن تكظم الغيظ، لكن يظل الغيظ موجوداً وأنت تحبسه، ولك أن تعفو.
لكن ماذا عن مثل هذا الأمر بالنسبة للخالق الذي له كمال القدرة؟ إن الله قدر لا يعذب العبد المذنب ولكنه قد يظل غاضبا عليه، ومن منا قادر على أن يتحمل غضب الرب؟ لذلك نطلب المغفرة، ونقول: "واغفر لنا وارحمنا" فنحن ندعوه سبحانه ألا يدخلنا في الذنب الذي يؤدي إلى غضبه ـ والعياذ بالله ـ علينا. فالعفو هو أن نرتكب ذنبا ونطلب من الله المغفرة، ولكن الرحمة هي الدعاء بألا يدخلنا في الذنب أصلا.
وعندما يقول الحق: "أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين" فهذا اعتراف بعبوديتنا له، وأنه الحق خالقنا ومتولي أمورنا وناصرنا، ومادام الحق هو ناصرنا، فهو ناصرنا على القوم الكافرين؛ فكان ختام سورة البقرة منسجما مع أول سورة البقرة في قوله: "الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين، الذين يؤمنون بالغيب، ويقيمون الصلاة، ومما رزقناهم ينفقون".
في أول السورة ضرب الله المثل بالكافرين والمنافقين .. وفي ختامها يقول الحق دعاء على لسان المؤمنين: "فانصرنا على القوم الكافرين" هذا القول يدل على استدامة المعركة بين الإيمان والكفر، وأن المؤمن يأخذ أحكام الله دائما لينازل بها الكفر أيان وجد ذلك الكفر، ويثق المؤمن تمام الثقة أن الله متوليه؛ لأن الله مولى الذين آمنوا، أما الكافرون فلا مولى لهم. فإذا كان الله هو مولى المؤمن، وإذا كان الكافر لا مولى له، فمعنى ذلك أنه يجب أن تظل المعركة بين المؤمن والكافر قائمة، بحيث إذا رأى المؤمن اجتراء على الإسلام في أي صورة من صوره فليثق بأن الله ناصره، وليثق بأن الله معه، وليثق المؤمن أن الله لا يطلب منه إلا أن ينفعل بحكمه وتأييده بالنصر؛ لأنه هو الذي يغلب فهو القائل جل وعلا: "قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم".
يجب أن تظل دائما مؤمنا متيقظا لعملية الكفر في أي لون من ألوانها؛ فهذا الكفر بعملياته يريد أن يشوه حركة الحياة وأن يتعب الكون، وأن يجعل القوانين الوضعية البشرية هي المسيطرة، كما يجب عليك أيها المؤمن أن تكون من المتقين الذين استهل بهم الله سورة البقرة، وبعد ذلك تسأل الله أن ينصرك دائما على القوم الكافرين. هذا هو مسك الختام من سورة البقرة "فانصرنا على القوم الكافرين".
وختام السورة بهذا النصر يوحي بأن الذي آمن يجب أن يعدي إيمانه بربه إلى الخلق جميعا، حتى تتساند حركة الحياة، ولا توجد فيها حركة مؤمن على هدى لتصطدم حركة كافر على ضلال؛ لأن في ذلك إرهاقا للنفس البشرية، وتعطيلا للقوى والمواهب التي أمد الله بها ذلك الإنسان الذي سخر من أجله كل الوجود، فلا يمكن أن يعيش الإنسان الذي سوده الله وكرمه على سائر الخلق إلا في أمان واطمئنان وسلام وحركة تتعاون وتتساعد لتنهض بالمجتمع الذي تعيش فيه نهضة عمرانية تؤكد للإنسان حقاً أنه هو خليفة الله في الأرض.
ولا يكتفي الإيمان منا بأن يؤمن الفرد إيماناً يعزله عن بقية الوجود، لأنه يكون في ذلك قد خسر حركة الحياة في الدنيا، والله يريد له أن يأخذ الدنيا تخدمه كما شاء الله لها أن تكون خادمة، فحين يعدي المؤمن إيمانه إلى غيره ينتفع بخير الغير، وإن اكتفى بإيمان نفسه فقط وترك الغير في ضلالة، انتفع الغير بخير إيمانه وأصابته مضرة الكافر وأذاه. إذن فمن الخير له أن يؤمن الناس جميعاً، ويجب أن يعدي ذلك الإيمان إلى الغير. ولكن الغير قد يكون منتفعا بالضلال؛ لأنه يؤدي به طغيانه، عندئذ تنشأ المعركة، تلك المعركة التي غاية كل من دخل فيها أن ينتصر، فيعلنا الله أن نطلب النصر على الكافرين منه؛ لأن النصر على الكافرين لا يعتبر نصرا حقيقيا إلا إن أصل صفات الخير في الوجود كله، وحين تتأصل صفات الخير في الوجود كله يكون المؤمن قد انتصر بحق.
وحين يطلب منا الله أن نسأله أن ينصرنا لابد أن نكون على مطلوب الله منا في المعركة، بأن نكون جنوداً إيمانيين بحق. وقد عرفنا أن المؤمنين حين يدخلون في معركة مع غيرهم يستطيعون أن يحددوا مركزهم الإيماني من غاية المعركة. فإن انتهت المعركة بنصرهم وغلبتهم علموا أنهم من جنود الله، وإن هزموا وغلبوا فليراجعوا أنفسهم؛ لأن الله أطلقها قضية إيمانية في كتابه الذي حفظه فقال:
وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ(173)
(سورة الصافات)


فإن لم نغلب فلننظر في نفوسنا: ما الذي أخللنا به من واجب الجندية لله. وحين يعلمنا الحق أن نقول: "فانصرنا على القوم الكافرين"، أي بعد أن أخذنا أسباب وجودنا من مادة الأرض المخلوقة لنا بالفكر المخلوق لله، نعمل فيها بالطاقة المخلوقة لله، وحينئذ نكون أهلاً للنصر من الله؛ لأن الحق سبحانه وتعالى قد مد يده بأسباب النصر:
وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ
(من الآية 60 سورة الأنفال)


حينئذ لا تخافون أبداً؛ لأن لله جنوداً لم تروها، ولا يتدخل الله بالجنود غير المرئية لنا إلا إذا استنفدنا نحن أسباب الله الممدودة لنا. وحين يختم الحق سبحانه وتعالى سورة البقرة وهي الزهراء الأولى لتأتي بعدها الزهراء الثانية وهي سورة آل عمران نجد أن هذا هو الترتيب القرآني (الآن) وهو ليس على ترتيب النزول الذي حدث، فللقرآن ترتيبان: ترتيب نزولي حين نزلت الآيات لتعالج حدثاً وقع للأمة المسلمة في صراعها مع الكافرين بربهم، وفي تربيته لنفوسهم، فكانت كل آية تأتي لتعالج حادثة. والأحداث في الوجود إنما تأتي على أيدي البشر، فليس من المعقول أن تنزل آيات من القرآن. تعالج أحداثا أخرى لا صلة بينها وبين ما يجري من أحداث في المجتمع الإسلامي أو ما ينشأ في الكون من قضايا.
إذن فلابد أن توجد الأحداث أولا، ويأتي بعدها النص القرآني ليعالج هذه الأحداث، ولكن بعد أن اكتمل الدين كما قال الله:
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً
(من الآية 3 سورة المائدة)